نموذج المياه الوطني: التنبؤ بالمستقبل

في الولايات المتحدة، تعد كوارث الفيضانات إحدى أكثر الكوارث الطبيعية تكلفة من حيث الخسائر في الأرواح والممتلكات. في العشرين عامًا الماضية فقط، كان ما يقرب من 60 في المائة من إعلانات الكوارث الرئيسية التي أدلى بها رئيس الولايات المتحدة تتعلق بالفيضانات، وأسفر 20 منها على الأقل عن أضرار تتجاوز قيمتها مليار دولار.

يضم الأساس الحالي لتوقعات المياه شبكة تتكون من ما يقارب 8000 جهاز لقياس التدفق، تشرف عليها هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية (USGS). توفر أجهزة القياس بيانات مستوى المياه في الوقت الفعلي والتي يستخدمها المتنبئون بدورهم للتنبؤ بخصائص منسوب المياه أعلى جهاز القياس وأسفله. على الرغم من أن شبكة أجهزة القياس الحالية صُممت بطريقة منهجية لإنتاج تنبؤات المياه الأكثر شمولاً، فإن 3 في المائة فقط من جميع أميال الأنهار والجداول في الولايات المتحدة تقع في اتجاه أدنى من جهاز قياس (الشكل 1). يمثل ذلك فجوة واضحة في الخدمات، لا سيما في حالة وقوع الفيضانات.

في مواجهة الرغبة والحاجة إلى تنبؤات وخرائط محسّنة لموارد المياه، شرعت الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA) في تحويل قدرات التنبؤ بالمياه في البلاد عبر نموذج المياه الوطني (NWM)، وهو ما يعد نقلة في مجال التنبؤ بالمياه في القرن الحادي والعشرين. تجمع NWM بين إمكانات النمذجة المتقدمة، ورسم الخرائط الطبوغرافية الدقيقة، والملاحظات في الوقت الفعلي (المستمدة من أجهزة قياس التدفق التابعة لـ USGS) لإنتاج تنبؤات عالية الدقة مستخلصة بشكل موضوعي لتدفق المجاري المائية عند 2.7 مليون رافد مائي على الصعيد الوطني (الشكل 2)—أو 3.3 ملايين ميل من الممرات المائية.

يرجع هذا التطور في NWM جزئيًا إلى شراكة NOAA مع Esri. ابتداءً من عام 2014، عكف مكتب التنبؤ بالمياه (OWP) التابع لـ NOAA بالتعاون مع مهندسي Esri، على استكشاف مفهوم نظم المعلومات الجغرافية للمؤسسات (EGIS) الذي يمكن أن يصبح دافعًا للبحث والتطوير في مجال الأنشطة الجغرافية المكانية لدعم NWM بالإضافة إلى تطوير خدمات البيانات التحليلية. لن يساعد ذلك على تطوير النموذج فحسب، بل سيساعد أيضًا على استكشاف المعلومات التي يمكن استخلاصها من نتائج النموذج. في عام 2016، أصبحت EGIS حقيقة واقعة من خلال برنامج التميز المؤسسي منEsri (EEAP) ونشر ArcGIS Enterprise في الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي/مركز المياه الوطني التابع لهيئة الطقس الوطني (NWS). يُستخدم هذا النظام حاليًا ويتضمن بوابة واجهة أمامية بالإضافة إلى مجموعة من مواقع ArcGIS Server. 

في 6 مارس 2018، بدأت NOAA تطبيق الإصدار 1.2 من نموذج المياه الوطني، والذي يستند إلى نجاح الإصدارات السابقة ويوفر تحليلات وتوقعات تدفق أكثر دقة. يرجع ارتفاع مستوى الدقة جزئيًا إلى الزيادة الكبيرة في عدد الملاحظات التي دُمجت في النموذج، بما في ذلك 680 جهازًا إضافيًا لقياس التدفق من USGS (زيادة بنسبة 10 بالمائة تقريبًا) للمساعدة على تحسين محاكاة النموذج لتدفق المجاري المائية. وباختصار، فإن الدرجة العالية من الدقة التي يوفرها الإصدار 1.2 ستعود بالنفع على كل من الإدارة الروتينية للمياه واتخاذ القرارات خلال الأحداث الشديدة التأثير. تُستخدم EGIS لاختبار وتطوير خدمات البيانات التجريبية التي تدعم الإحاطات الهيدرولوجية الاعتيادية المتعلقة بظروف موارد المياه الحالية والمتوقعة من مراكز التنبؤ بالأنهار التابعة لهيئة الطقس الوطنية. تُعد EGIS في NWC أيضًا مركزًا لسلسلة من خدمات الخرائط وتطبيقات الويب التي تضع نتائج نموذج المياه الوطني في سياق مناسب للمستخدم النهائي.

في المرحلة القادمة، من المقرر طرح الإصدار 2.0 من نموذج المياه الوطني في أوائل عام 2019. سيوفر الإصدار 2.0 تغطية لأول مرة في أنحاء هاواي، مما يوفر إرشادات تتعلق بتدفق المجاري المائية إلى جانب إرشادات هيدرولوجية أخرى للمتنبئين ومسعفي الطوارئ ومديري الموارد المائية وغيرهم في الجزر. كما سيمثل خطوة كبيرة إلى الأمام في المشاركة مع مؤسسات الطقس والماء والمناخ—وهي مكون رئيسي في الرؤية التي تتبناها هيئة الطقس الوطنية لإقامة دولة جاهزة لمواجهة تحديات الطقس. كجزء من ترقية الإصدار 2.0، سيُنظم رمز نموذج المياه الوطني في سلسلة من المكتبات القابلة للاسترجاع، مما يجعلها متاحة ومجانية للأشخاص الذين لا ينتمون إلى الحكومة الفيدرالية. يفتح نهج تنمية المجتمع هذا الباب أمام إيجاد حلول محددة جغرافيًا وذات قيمة مضافة ومصممة خصوصًا، والتي من شأنها سد الفجوة بين العلم والأشخاص الذين يحتاجون إلى معلومات موارد المياه لحمايتها ودعمها.

قد يتمثل الأمر الأكثر إثارة للقدرات الناشئة في خدمات البيانات التي تحول تنبؤات مركز تنبؤات الأنهار الرسمي التابع لـ NWS إلى مجموعة من خدمات رسم الخرائط التجريبية للمناطق التي تغمرها الفيضانات. ستبدأ هذه الخدمات التوضيحية حقبة جديدة من خدمات دعم القرار المستندة إلى التأثير للتنبؤ بالمياه.

يمثل النموذج الوطني للمياه نقلة نوعية تجاه مواجهة تحديات المياه في المستقبل. بمرور الوقت، ومن خلال الشراكة المستمرة مع Esri، سيستمر استخدام نتائج نموذج المياه الوطني بشكل أكبر بواسطة متنبئي هيئة الطقس الوطنية لاستكمال تنبؤات المياه التقليدية وتقديم تنبؤات أفضل وأسرع لتلبية الاحتياجات المتزايدة لأصحاب المصلحة لدينا.